الفرق بين السور المكية والمدنية
الفرق بين السور المكية والمدنية الذي يظنه البعض على اختيار الزمان فقط، ولكن شرح العلماء والفقهاء الفرق بين المدني والمكي، وما هي حكمة الله عز وجل في هذا الأمر، وما هي خصائص السور المكية والمدنية التي تميز كلًا منهما، ومهما اختلفت آراء العلماء يظل هناك فروق يجب أن يعلمها الجميع، لأن الله لم ينزل القرآن دفعة واحدة بل أنزله بحسب الوقائع، أو حكمًا بقضية، لدعوة الناس للإسلام، وتعريفهم أصول الشريعة، وهذا ما انتقدوه الكفار في عدم نزوله دفعة واحدة فقد قال تعالى ﴿ وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ﴾.
الفرق بين السور المكية والمدنية
شرح العلماء أن القرآن لم ينزل دفعة واحدة لتثبيت الفؤاد، والاستمرار في الإمداد بالعون من السماء، ويطمئن الجميع بعناية ورعاية الله، وحتى يردع الكافرين من الكذب، فقد استمر نزول القرآن الكريم على رسول الله ﷺ طوال ثلاثة وعشرين سنة تقريبًا، منهم ما نزل في مكة المكرمة، وبعضًا منها نزل في المدينة بعد الهجرة.
أي كان ينزل القرآن على سيدنا محمد ﷺ أينما كان، سواء أكان في السفر أو في المدينة أو مكة المكرمة، وهنا اختلف الآراء في الفرق بين السور المكية والمدنية فيما يلي:
- منهم من قال الفرق بسبب حال المخاطبين بهما.
- منهم من قال مكان نزول السور القرآنية.
- ومن استند على الزمان أي وقت نزولهما.
أولًا: الفرق بين السور المكية والمدنية من حيث حال المخاطبين
الرأي الأول الذي استند فيه العلماء حول الفرق بين السور المكية والمدنية أنه وقع مخاطبًا لأهل المدينة، وبالطبع إذا كان مكي سيكون موجهًا لأهل مكة، ولكن قال العلماء الآخرين أنه في جميع السور خاطب الله بقول (يأيها الناس) لأهل مكة وأهل المدينة، ولقد فسر الرازي أنه قال (كل من روى في القرآن بقول (يأيها الناس) مكي، أما إذا قيل يا أيها الذين آمنوا فهو يخاطب أهل المدينة).
وهذا أيضًا شكل خلاف لأنه في سورة النساء قيل (يا أيها الناس اتقوا ربكم)، ولكنها سورة مدنية، وفي سورة البقرة أيضًا وجه قائلًا (يأيها الناس اعبدوا ربكم).
ثانيًا: الرأي الثاني في الفرق بين السور المكية والمدنية بسبب مكان النزول
عندما استند العلماء على الفرق بين السور المكية والمدنية بسبب مكان نزول السور فهذا يشمل المدينة وضواحيها، وأيضًا مكة وضواحيها، ولقد اختلف البعض في هذا الأمر بسبب أنه يوجد بعض من الآيات التي لم تنزل في المدينة، ولا في مكة، بل نزلت في الأسفار كما قال تعالى﴿ لوكان عرضًا قريبًا وسفرًا قاصدًا لاتبعوك ﴾، فقد نزلت تلك الآية على سيدنا محمد وهو مسافر لغزوة تبوك.
وكان سببها تخلف البعض عن العزوة، كما قيل أيضًا أن كل آية نزلت على سيدنا محمد ﷺ قبل الهجرة فهي مكية حتى وإن نزلت بمكة أو بغير مكة، وكل آية نزلت بعد الهجرة فهي مدنية حتى وإن نزلت بالمدينة أو بغيرها.
ثالثًا: الرأي الثالث في الفرق بين السور المكية والمدنية والذي استند فيه على موعد النزول
هو الرأي الأصح والذي اتفق عليه جمهور العلماء، لأن المدني ما نزل بعد هجرة النبي ﷺ إلى المدينة، سواء أكان في مكة أو ضواحيها، وأثناء سفره، والمكي لم ينزل قبل هجرة النبي ﷺ إلى المدينة، ولهذا استند العلماء بأن الزمان، وبهذا ستكون الآيات القرآنية نزلت قبل الهجرة مكية أو بعد الهجرة فهي مدنية بدون النظر على موقع النزول.
وبناء على ما ورد عن السلف أن كل ما نزل من القرآن الكريم قبل الهجرة يقال عنه سورة مكية سواء أكان نزل في مكة، الطائف، أو أي ضاحية أخرى، وأن كل ما أنزل عليه بعد الهجرة يطلق عليه مدني سواء أنزل بالمدينة أم في الغزوات أو في طريقه إلى الهجرة أم الأسفار.
الفرق بين السور المكية والمدنية من حيث الموضوعات
إذا نظرنا في الفرق بين السور المكية والمدنية لا يمكن فيه الاستناد على مخاطبة أهل مكة وأهل المدينة، لأنه غير حاصر، والتعريف الثاني بالمكان فهو ليس له حد ضابط، أما الفرق الثالث الذي تم أقرانه بعد أو قبل الهجرة هو الأرجح، كما أن الموضوعات التي كان تنزل بعض الهجرة نزلت لتثبيت العقيدة، وكشف زيف العقائد، والجحد والكذب بالرسالة.
خصائص السور المكية والمدنية
لقد اختصت السور المكية والمدنية بخصائص مختلفة، تساعد على إيضاح كلًا منهما سواء بالأسلوب أو الموضوع كالاتي:
أولًا خصائص السور والآيات المدنية
- السور والآيات المدنية تكون طويلة، وهذا أيضًا يمكن أن يوضح الفرق بين السور المكية والمدنية.
- طول الآيات والسور كان له حكمة، لتنظيم العلاقات بين الناس، والعمل على تقويمها، والإخاء والمساواة، كما أوضحت أيضًا التشريعات، والجهاد، والأحكام الفاصلة بين الحقوق والواجبات، والقصاص.
- السور المدنية أغلبها تفصيل وبيان أحكام وشريعة الإسلام، والحدود، والاستشهاد في سبيل الله، والمحرمات التي يجب الابتعاد عنها، مثل أحكام الرضاعة، الزواج، الطلاق.
- موضوعات السور المدنية بالأكثر كانت التشريعات والأحكام العملية في أمور الإسلام الأساسية مثل العبادات، المعاملات، الأحكام في أنواع الصلوات التي لم يتم تشريعها في مكة، والصيام، القصاص، النكاح، الزكاة، الطلاق، الربا، المواريث والوصايا.
- الفرق بين السور المكية والمدنية هي أن السور المدنية موجهة بشكل مباشر للأعداء والكافرين، والذين أفصح الله عنهم بالقرآن في سورة التوبة، البقرة، المنافقون.
ثانيًا: خصائص السور والآيات المكية
- السور المكية والآيات التي نزلت في مكة قبل الهجرة كانت تتسم بالإيجاز والقصر، فنجد أكثر السور هي في جزء عم وجميعها قصيرة، وتعدد الفواصل.
- حكمة القصّر في السور أن الله كان يتولى الدفاع عن المؤمنين الضعفاء الذين لا يستطيعوا الرد على طغيان الكافرين.
- الآيات المكية نزلت في وقت الجاهلية الذين يعبدون الأصنام والأوثان، وإنكارهم الرسالة التي حملها الله للنبي ﷺ.
- السور والآيات المكية هي الدعوة إلى معرفة الأصول الراسخة للدين الإسلامي، أي بمثابة وضع الحجر الأساسي لتثبيت عقيدة المسلمين، وتقوية الإيمان بالله واليوم الآخر، والتذكير بيوم القيامة، والإيمان بالأنبياء والرسل والملائكة، والكتب السماوية التي أرسلها الله عز وجل.
عدد السور المكية
ذكر العلماء والفقهاء عدد السور المكية والمدنية، ولكن يجب معرفة أنه يوجد بعض من السور القرآنية التي اختلف عليها العلماء في إن كانت السور مكية أو مدنية، وتلك هي أسماء السور المكية:
(الفاتحة، الانعام، الأعراف، يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر، النحل، الإسراء، الكهف، مريم، طه، الأنبياء، المؤمنون، الفرقان، الشعراء، النمل، القصص، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة، سبأ، فاطر، يس، الصافات، ص، الزمر، غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان)
(الجاثية، الأحقاف، ق، الذاريات، الطور، النجم، القمر، الواقعة، الملك، القلم، الحاقة، المعارج، نوح، الجن، المزمل، المدثر، القيامة، المرسلات، النبأ، النازعات، عبس، التكوير، الانفطار، المطففين، الانشقاق، البروج، الطارق، الأعلى، الغاشية، الفجر، البلد، الشمس، الليل).
(الضحى، الشرح، التين، العلق، القدر، العاديات، القارعة، التكاثر، العصر، الهمزة، الفيل، قريش، الماعون، الكوثر، الكافرون، المسد، الإخلاص، الفلق) دون ذلك فهي سور مكية، أما عن السور التي اختلف عنها إن كانت مكية أو مدنية:
(الفاتحة، الحج، الرحمن، الإنسان، الفجر، البينة، الإخلاص، الرعد، العنكبوت، الصف، عبس، الليل، الزلزلة، الفلق، النحل، محمد ﷺ، التغابن، المطففين، القدر، النصر، الناس).