حديث استوصوا بالنساء خيرا

حديث استوصوا بالنساء خيرا

حديث استوصوا بالنساء خيرا من الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة التي نقلها النووي رحمه الله، وقالها أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وهذا ما يؤكد على صحة حديث استوصوا بالنساء خيرا، ومن حرص النبي ﷺ على أعلام الجميع بأهمية الرسالة التي يحملها الحديث بدأه بكلمة (استوصوا بالنساء خيرًا)، واختتمه بهذا الأمر، وإيضاح فوائد فهم معنى استوصوا بالنساء خيرا وسبب تأكيد الوصية الذي لن يتكرر مثل هذا الأمر إلا للتوعية والتنبيه من أمرًا عظيم.

حديث استوصوا بالنساء خيرا

جاء في حديث استوصوا بالنساء خيرا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ” استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء”.

ولقد وضح العلماء أن حرف (س) وحرف (ت) للطلب أي نبينا ﷺ كما أنه يقول لنا (اقبلوا وصيتي في النساء)، أي يطلب العناية والرعاية بالنساء، فيما وضح علماء آخرين أن الحرفين (س، ت) ما هي إلا للتأكيد على ما سيذكر فيما بعد، وتلك هي معاني كلمات حديث استوصوا بالنساء خيرا:

  • استوصوا بالنساء خيرًا: أي اقبلوا وصيتي (مع وجوب العمل بها).
  • خلقت من ضلع: أي خلقن خلقًا من طبيعة الله عز وجل فيه اعوجاج لتخالف به الرجل.
  • وإن أعوج ما في الضلع أعلاه: أسلوب للمبالغة في إثبات وجود الاعوجاج.
  • الضلع: يشير إلى الاعوجاج.

معنى استوصوا بالنساء خيرا

في بداية حديث استوصوا بالنساء خيرا قال النبي ﷺ استوصوا بالنساء خيرًا، أي وصوا بعضكم بالنساء خيرًا بمراعاة حقوقهن، شأنهن، حسن معاملتهم والعشرة لهن، وفي رواية أخرى عندما ذكر النبي في البداية (استوصوا) أي اقبلوا وصيتي في النساء بكل خير أي التنبيه بضرورة العناية برعاية حقوق النساء، وهذا الرأي الأكثر الذي رجحه جميع العلماء.

والنساء هنا في الحديث هم عموم النساء الأمهات، الزوجات، الأخوات، وكل ذي قرابة، وكل امرأة، وعندما ذكر النبي ﷺ (خيرًا)، أي الإحسان في معاملتهن، وحمايتهم من الأذى لأن الخير يتمركز في (كف الأذى والإحسان)، ولقد أرجح العلماء أن النبي ﷺ خص النساء لأن طبيعتهن أضعف من الرجال لذا قال (فإن المرأة خلقت من ضلع)، وليس كما يعتقد الجميع أن هذا ينقص من شأن المرأة أو تقصير في جنسها.

وفي رواية أخرى وهي الأصبح بقول سيدنا ﷴ ﷺ (فإن المرأة خلقت من ضلع) أي أن الضلع أعوج يشبه سلوكها الذي قد يشوبه بعض الميل وعدم الاستقامة، ولقد اتفق جمهور العلماء أن المرأة خلقت من ضلع آدم عليه السلام تحديدًا أحد عظام القفص الصدري.

لأنه من المعروف أن الضلع قد يميل للاعوجاج، ومعالجته غير ممكنة، فقد ذكر في حديث استوصوا بالنساء خيرا (فإن ذهبت تقيمه كسرته)، أي إذا ذهب الإنسان لعلاج هذا الميل لن يتم إلا بالكسر، وهذا ما يضح أن النساء خلقت على هذه الشكل، ولا يمكن معالجته إلا بالتعايش الرحيم، حيث أكمل سيدنا ﷴ ﷺ حديث قائلًا ” فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج”.

والجدير بالذكر أن هذا الأمر ليس مقصودًا به الإقرار وقبول الخطأ، ولكن الوصية التي يحملها حديث استوصوا بالنساء خيرا هي حسن المعاملة وقت الخطأ، وأن معالجته لن تتم بالكسر أو التغافل عنه، ولكن والتراحم والأمر بالمعروف.

واختتم سيدنا ﷴ ﷺ في حديث استوصوا بالنساء خيرا (فاستوصوا بالنساء)، وشرح العلماء أن حرف (ف) عائدة على ما تقدم في الحديث، بالإضافة إلى التنبيه أن العوج ميلًا فطريًا في طبيعة المرأة ولا يمكن بذل قصارى الجهد لإزالته أو تقييمه، بل يجب قبوله واحتضانه، ومعالجته بالمعروف والخير.

وفي رواية أخرى قيل عن (إذا ذهبت تقيمه كسرته)، كسرها يعين طلاقها، والحل في تلك الحالة هو رحمة ضعف المرأة، والعطف عليها، والتجاوز عن خطئها وتقصيرها كما ذكر (المرأة كالضِلع، إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج)، وفي رواية الإمام مسلم (إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها).

حديث استوصوا بالنساء خيرا
حديث استوصوا بالنساء خيرا

استوصوا بالنساء خيرا خطبة الوداع

عناية نبينا ﷴ ﷺ عظيمة على النساء، فقط ورد أحاديث نبوية شريفة كثيرة تتحدث عن الرحمة بالنساء، والتي منها أهمها عبارة استوصوا بالنساء خيرا خطبة الوداع (أعظم خطبة)، النبي التي أوصى فيها بالنساء دون استثناء، وخصص كلمة الخير، أي فعله كل شيء أينما يكون الخير فيه للمرأة دون تخصيص.

أي قول كل الخير في حقهن، وعدم التكلم بسوء عنها كما جاء في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي ﷺ “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد أمرًا فليتكلم بخير أو ليسكت، واستوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه إن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج استوصوا بالنساء خيرًا”.

وفي حجة الوداع روى مسلم في صحيحه أن النبي ﷺ قال “فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكن عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف”.

وهذا وصية النبي ﷺ الصريحة والواضحة في حديث استوصوا بالنساء خيرا أي على كل زوج وأب وأخ وابن أن يرعى ما لديه من نساء، ولكن في خطبة الوداع وجه سيدنا ﷴ ﷺ وصيته للأزواج بضرورة تقوى الله في الزوجات، وفهم طبيعة صفة المرأة هنا (الزوجة)، التي استحل فرجها بكلمة من الله، مما أوجب عليه حسن معاشرتها.

صحة حديث استوصوا بالنساء خيرا

أثبت صحة حديث استوصوا بالنساء خيرا حيث رواه الشيخان في الصحيحين، فقد جاء ليثبت أن اعوجاج الضلع لا يقلل من قيمته، كما ورد في الحديث الآخر (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحاجز من إحداكن).

وهذا يثبت أمرًا آخر في حديث من أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، أي معنى نقص العقل ذكر النبي ﷺ حكمه في شهادة المرأتين معًا تعادل شهادة رجلًا واحد، والأمر الثاني (نقص الدين) فقد أوضح نبينا ﷴ ﷺ أنها لا تصلي بعض الأيام بسبب الحيض والنفاس، علمًا بأن هذا النقص ليس عليها إثمًا فيه.

من وصايا الرسول لحسن معاملة النساء

لم يكن حديث استوصوا بالنساء خيرًا هي الوصية الوحيدة التي أوصى نبينا ﷴ ﷺ بها فهو دومًا يوصي بحسن معاملة النساء، وقال عدة وصايا مختلفة ذكرت في الأحاديث لتأكيدها مثل:

  • أن يكون الرجل عونًا للمرأة على الطاعة.
  • تحري الحلال عند إطعامها.
  • تجنب الشك عن جابر قال (نهى رسول الله ﷺ أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخونهم، أو يلتمس عثراتهم).
  • إعطاء حقوقها لأن الرجل منحه الله القوام، عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال إن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، أو اكتسبت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت، قال أبو داود ولا تقبح أي أن تقول قبحك الله.
  • عدم التعدي عليها بالضرب عن عبد الله بن زمعة عن النبي ﷺ قال لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم.